أخر الأخبارأهم الاخباررأي وتحليلسياسة وأحزاب
أخر الأخبار

إثيوبيا تفتتح سد النهضة في غياب مصر والسودان.. لمن النيل اليوم؟

افتتحت إثيوبيا، اليوم الثلاثاء، سد النهضة رسمياً، كأكبر مشروع لتوليد الطاقة الكهرومائية في أفريقيا، بكلفة تتجاوز 5 مليارات دولار.

رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد افتتح السد بحضور إسماعيل عمر جيله، رئيس جيبوتي، وسالفا كير ميارديت ، رئيس جنوب السودان، وحسن شيخ محمود، رئيس الصومال، وويليام ساموي روتو، رئيس كينيا، وميا أمور موتلي، رئيسة وزراء بربادوس، وراسل ميسو دلاميني، رئيس وزراء مملكة إسواتيني، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية.

ومن المتوقع أن يصل إنتاج سد النهضة في المرحلة النهائية إلى 5150 ميغاوات، مقابل 750 ميغاوات يولدها توربينان يعملان بالفعل، ما يوفّر الكهرباء لملايين الإثيوبيين ويتيح تصدير الفائض..

آبي أحمد، قال إن المشروع يشكّل “فرصة مشتركة للطاقة والتنمية”، مشدداً على أنه لن يضر بدولتي المصب (مصر والسودان).

واعتبر أن السد، الذي بدأ بناؤه عام 2011 على أحد روافد النيل الأزرق، يمثل حجر أساس في طموحات التنمية الوطنية، متوقعاً إيرادات سنوية تصل إلى مليار دولار.

وكان آبي أحمد قد استبق الافتتاح، بالقول إن سد النهضة الذي بنته بلاده على النيل الأزرق، “دليل على قوة إثيوبيا حين تتوحد”، مؤكدًا أنه لم يكن مجرد مشروع وطني، بل “إنجازًا تاريخيًا”، بحسب نقلت عنه وكالة الأنباء الإثيوبية الحكومية “إينا”.

وأجرت مصر والسودان عدة جولات من المفاوضات مع إثيوبيا لحل الخلافات حول السد لكنها لم تسفر عن اتفاق.

وتتمسك القاهرة والخرطوم بالتوصل أولا إلى اتفاق ملزم مع أديس أبابا بشأن ملء وتشغيل السد، لضمان استمرار تدفق حصتيهما المائية من نهر النيل.

وجددت مصر رفضها التام للخطوات التي تنتهجها إثيوبيا، في بناء السد دون التوصل لاتفاق وتؤكد ضرورة الالتزام بمبادئ القانون الدولي، فيما تصر أديس أبابا على أنها لا تلحق أضرارا بدولتي المصب.

وتحصل مصر على نحو 55.5 مليار متر مكعب سنويًا، أي ما يعادل 97% من مواردها المائية المتجددة من مياه النيل، وهو ما يفسر اعتمادها شبه الكامل عليه نظرًا لندرة الأمطار، حيث يعيش أغلب سكانها على ضفتيه. هذا الاعتماد الوجودي جعل أي حديث عن تحكم طرف آخر في منابعه مثيرًا لمخاوف عميقة في المخيلة المصرية.

ورغم توسع البلاد في مشروعات تحلية المياه والاعتماد على المياه الجوفية، فإنها تبقى بلدًا فقيرًا مائيًا، والنيل هو العامل الحاسم في معادلة أمنها القومي والغذائي.

أما السودان، فبالرغم من أن النيل مصدر ثلثيْ استخداماته المائية، فقد بدا موقفه أكثر التباسًا في البداية، إذ انقسمت المواقف بين من رأى في سد النهضة تهديدًا محتملًا للأمن المائي وخطرًا في حال انهياره، وبين من اعتبره فرصة للتنمية والحماية من الفيضانات.

غير أن هذا الموقف سرعان ما تماهى مع الموقف المصري لاحقا، إذ انخرطت الخرطوم في المطالبة باتفاق ملزم ينظم الملء والتشغيل، معتبرة أن السلوك الإثيوبي يهدد مصالحها الحيوية.

في المقابل، صاغت إثيوبيا سردية مختلفة تمامًا، قدّمت فيها النيل الأزرق بوصفه موردًا حُرمت منه تاريخيًا.

وأمام مجلس الأمن عام 2021، قال وزير المياه الإثيوبي، سيليشي بقلي: “اعتراض مصر والسودان يهدف إلى منعنا من استخدام مياهنا.. مشروع سد النهضة محاولة لتحقيق حلم الإثيوبيين واستجابة لمتطلبات حياتهم”.

وسخرت أديس أبابا أدواتها الدبلوماسية والإعلامية للتأكيد أن السد مخصص لتوليد الكهرباء، لا لحرمان دول المصبّ من حصصها المائية.

يبدو أن مكمن الصراع ليس في مجرد بناء السد أو حتى الغرض الرئيسي منه، وإنما في سؤال جوهري: هل النيل -تحديدا النيل الأزرق- مورد إثيوبي خالص (كما تروج أديس أبابا ضمنيا وعلنيا في بعض الأحيان)، أم نهر دولي عابر للحدود خاضع لقيود الأعراف والقانون الدولي؟ ما يجعل الخلاف أكثر من مجرد خلاف على حصص مائية؛ بل صراع على تعريف هوية النهر نفسه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى