زاهي حواس يفتح لـ”المنصة 360 ” سراديب وأسرار المتحف المصري الكبير والفراعنة واليهود

حوار: محمد حسن حمادة
في حوار خاص مع “المنصة 360”، يكشف عالم المصريات ووزير الآثار الأسبق الدكتور زاهي حواس أسرار الفراعنة التي لا يعرفها أحد، واهمية المتحف المصري الكبير.
ويرد بحسم على الأساطير التي تملأ العالم عن “لعنة الفراعنة” و”اليهود بناة الأهرامات”، كما يتحدث عن لقائه الشهير مع “مستر بيست”، وحلمه الأبدي بالعثور على مقبرة نفرتيتي، ويؤكد أن “الحضارة المصرية لا تموت”.
المتحف المصري الكبير أهم مشروع ثقافي في القرن الـ21
وعن المتحف المصري الكبير فأشار حواس بفخر: العالم كله يترقب افتتاح المتحف المصري الكبير، فهو أهم مشروع ثقافي في القرن الحادي والعشرين ولاشك سيكون رافدا حيويا في زيادة أعداد السائحين لمصر”. أهم مشروع إحنا عملناه أنا وفاروق حسني، مفيش متحف بيوازي هذا المتحف”.

زاهي حواس: المصريون هم بناة الأهرامات.. ولا وجود للعنة الفراعنة
في مكتبه العامر بالكتب والتحف الأثرية بحي المهندسين، يجلس العالم الجليل الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق وسفير التراث العالمي، الرجل الذي بات اسمه مرادفًا لكلمة “الآثار المصرية” في كل أنحاء العالم، وصاحب أهم الاكتشافات الأثرية في العصر الحديث، والذي يصفه الغرب بـ”أنديانا جونز المصري”.
المتحف المصري الكبير.. هدية مصر للعالم (إنفوغرافيك)
حزب المؤتمر: المتحف المصري الكبير أيقونة الجمهورية الجديدة
عُرف الدكتور حواس بعلاقته الفريدة بتاريخ الفراعنة، حتى قال عنه البعض إنه صديق شخصي لأبي الهول، وحارس أسرار الأهرامات. وفي لقائنا معه، بدا كما هو دائمًا.. متوهجًا بالمعرفة، فخورًا بمصريته، مؤمنًا بعظمة الحضارة التي أنجبت التاريخ نفسه.
لا وجود للعنة الفراعنة
بدأ حديثه بابتسامة هادئة حين سألناه عن “لعنة الفراعنة”، فقال:
“لا يوجد شيء اسمه لعنة الفراعنة، هذا كلام خرافات. كل ما يحدث هو أن المقابر المغلقة منذ آلاف السنين تتراكم فيها بكتيريا وميكروبات، وعند فتحها لأول مرة تنبعث هذه الجراثيم فتسبب أمراضًا أو حالات اختناق. هذا هو التفسير العلمي الوحيد لما يسمى اللعنة.”
الأنبياء لم يُذكروا لأنهم هزموا الفراعنة
وحين سألناه عن سبب غياب ذكر الأنبياء في الآثار المصرية، قال بثقة:
“الفرعون لا يمكن أن يسجل هزيمته. عندما هزم الأنبياء الفراعنة، لم يكن بمقدور الأخيرين أن يخلدوا تلك الهزيمة على جدران المعابد أو في البرديات. لذلك لا نجد ذكرًا لهم في آثار مصر القديمة. هذا ليس تعارضًا بين الدين والعلم، بل تفسير منطقي للتاريخ.”
أبو الهول ليس إدريس عليه السلام
وردًا على الادعاءات التي تزعم أن وجه أبي الهول هو للنبي إدريس عليه السلام، قال حواس بحسم:
“هذا كلام نصب وكذب. لا يوجد أي دليل علمي على ذلك. أبو الهول نُحت في عهد الملك خفرع ليمثله في هيئة الإله حورس المتعبد للإله رع، وكل الأدلة والنقوش تؤكد هذا. ما يردده البعض خرافات نقلها الرحالة العرب في القرن التاسع الميلادي، وربطوا بين إدريس وأوزيريس لتشابه الأسماء لا أكثر.”
اليهود لا علاقة لهم ببناء الأهرامات
وعن مزاعم اليهود بأنهم بنوا الأهرامات، قال حواس بحدة العالم الغاضب من التزوير:
“هذا هراء. نحن اكتشفنا مقابر العمال بناة الأهرامات وبردية وادي الجرف التي تتحدث عن بناء الهرم نفسه. كل ذلك يثبت أن المصريين هم بناة الأهرامات. لا يوجد اسم عبري واحد في الدولة القديمة، واليهود جاءوا إلى مصر بعد بناء الأهرام بأكثر من 700 عام. بناء الأهرامات كان مشروعًا قوميًا مصريًا شارك فيه نحو 80% من الشعب.”
وأضاف: “مقابر العمال التي اكتشفناها بجوار أهرامات الجيزة تثبت أنهم لم يكونوا عبيدًا، بل شاركوا عن فخر، وبنوا لأنفسهم مقابر غنية بالمقتنيات، ولو كانوا عبيدًا ما نالوا هذا الشرف.”
وأشار إلى أن هذه الحقائق أغضبت اللوبي الصهيوني في أمريكا، حتى وصفوه بأنه “عدو السامية”، لأنه فند أكاذيبهم وأثبت أن لا أثر لبني إسرائيل في مصر القديمة.
من هو فرعون الخروج؟
وعن “فرعون الخروج”، قال: “لا أحد يعلم من هو فرعون موسى. لا يوجد دليل أثري واحد يحدد شخصيته. ما يقال عن رمسيس الثاني هو مجرد خيال سينمائي لا أكثر.”
الأفارقة لم يبنوا الحضارة المصرية
ورفض حواس ادعاءات حركة “الأفروسنتريك” التي تزعم أن الحضارة المصرية بناها الأفارقة، قائلاً:
“هذا ادعاء باطل. مملكة كوش حكمت مصر نحو عام 500 قبل الميلاد، أي بعد نهاية الحضارة المصرية العريقة. بل إن مصر هي التي أثرت في تلك الممالك، وكل النقوش المصرية منذ الدولة القديمة وحتى العصر المتأخر تُظهر الملوك المصريين وأمامهم الأسرى من إفريقيا وسوريا وليبيا وفلسطين.”
بئر أوزوريس ليس سرًا
وردًا على سؤال عن المياه أسفل الأهرامات قال:
“مفيش سر. هذه مياه لبئر (أوزوريس) الذي اكتشفته بنفسي، وذكره المؤرخ هيرودوت. رفعت المياه من البئر وأثبتت أن الأمر لا يتجاوز مزارًا للإله أوزوريس.”
استرداد رأس نفرتيتي وحجر رشيد
كشف حواس عن حملة قومية لجمع توقيعات لاسترداد رأس نفرتيتي وحجر رشيد من المتاحف الأجنبية، قائلاً:
“عندما نصل إلى مليون توقيع سنبدأ بالمطالبة الرسمية. السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي يدعم هذه الحملة بقوة، وأنا متفائل بعودتهما يومًا ما إلى مصر.”
تدريس الهيروغليفية ضرورة وطنية
أكد حواس أنه ما زال يطالب بتدريس اللغة الهيروغليفية في المدارس، موضحًا أن ذلك سيخلق وعيًا لدى الشباب ويقربهم من جذورهم التاريخية، مضيفًا:
“الشباب لازم يعرف تاريخه عشان يحب بلده.”
ذوو الهمم في مصر القديمة
وعن وضع ذوي الهمم في مصر القديمة، قال:
“المصريون القدماء كانوا يكرمون ذوي الهمم، ويظهرونهم في الرسومات بشكل طبيعي لأنهم كانوا يعتبرونهم جزءًا مهمًا من المجتمع. وجدنا نقوشًا كثيرة تنصح بعدم السخرية منهم.”
وأشار إلى أن فحص المومياوات الملكية أظهر أن توت عنخ آمون كان يعاني من مشكلات صحية وراثية، منها اعوجاج في القدم وملاريا، لكنها لا تجعله من ذوي الهمم. “العكاكيز اللي وُجدت بمقبرته كانت لمساعدته على المشي.”
المتحف المصري الكبير.. فخر القرن
وبفخر كبير، تحدث حواس عن المتحف المصري الكبير قائلاً:
“هذا أهم مشروع ثقافي في القرن الحادي والعشرين. المتحف سيغير وجه السياحة في مصر، وسيكون مركز إشعاع حضاري للعالم كله. أنا وفاروق حسني بدأنا هذا الحلم، واليوم العالم كله ينتظره.”
المستنسخات الأثرية.. كنز اقتصادي
وفي حديثه عن مصنع المستنسخات الأثرية، أوضح أنه موجود بمدينة السادس من أكتوبر وينتج نماذج أثرية على أعلى مستوى بختم رسمي من المتاحف المصرية.
“هذه المستنسخات يمكن أن تكون وسيلتنا للسيطرة الثقافية على العالم، فهي تروج للتراث وتجلب دخلاً كبيرًا يُستخدم في ترميم الآثار.”
ضبط البعثات الأثرية الأجنبية
عن ملف البعثات الأجنبية قال:
“لم أكن أسمح بأي فوضى. وضعنا قوانين صارمة تنظم عمل أكثر من 250 بعثة أثرية أجنبية، ولا تعمل أي بعثة إلا بعد موافقات من الأمن القومي والدولة.”
خوفو الأقرب إلى قلبي
وعن الملك الأقرب لقلبه، قال حواس دون تردد:
“الملك خوفو. كتبت عنه رسالتي للدكتوراه، وأعتبره أعظم من حكم مصر لأنه صاحب أعظم بناء في التاريخ الإنساني.”
اكتشافاته وأحلامه
أشار إلى أن أحدث اكتشافاته كانت مقبرة مدير القصر الملكي للملكة تيتي شيري جدة الملك أحمس طارد الهكسوس، وكشف خاص بمعبد حتشبسوت بالدير البحري، مؤكداً أن أعظم اكتشافاته على الإطلاق كانت مقابر العمال بناة الأهرامات والمدينة الذهبية في الأقصر.
أما حلمه الأكبر فهو العثور على مقبرة الملكة نفرتيتي في وادي الملوك.
من الأرض إلى المريخ
وفي مفاجأة، كشف حواس أن اسمه نُقش على قرص مدمج أُرسل إلى كوكب المريخ ضمن مشروع علمي شارك فيه العالم فاروق الباز، قائلاً:
“دي كانت لحظة فخر.. أن اسم عالم آثار مصري يسافر إلى الفضاء.”
تكريمات عالمية ومذكرات جديدة
نال الدكتور زاهي حواس مئات الأوسمة والتكريمات، إلا أن أقربها لقلبه – كما يقول – كان اختياره ضمن قائمة مجلة التايم الأمريكية لأكثر مائة شخصية مؤثرة في العالم عام 2006.
وأضاف أنه انتهى مؤخرًا من كتابة مذكراته التي نُشرت بالعربية، وتُترجم الآن إلى اللغتين الإيطالية والإنجليزية.
وفي ختام اللقاء، قال بابتسامته الشهيرة:“أنا قلت كل حاجة في حياتي، مخبيتش حاجة، لكن مازلت أعيش بحلم جديد كل يوم.. فكل أثر لم يُكتشف بعد هو وعدٌ آخر بأن الحضارة المصرية لا تنتهي.”



