رأي وتحليل

وسائل التواصل الاجتماعي والحلقة المفقودة بين الحرية والخصوصية؟

بقلم : مراد عبدالسلام – المحامي بالنقض

لم تعد وسائل التواصل الاجتماعي مجرد منصات للتعبير أو الترفيه، بل تحولت إلى ساحة نقاش عام تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر في سير القضايا.

سواء كانت جنائية أو مدنية أو حتى قضايا رأي عام. فاليوم، تغريدة واحدة أو مقطع فيديو قصير قد يشعل جدلًا واسعًا، ويحوّل قضية بسيطة إلى قضية رأي عام تُناقش على كل المستويات.

فكثير من القضايا اليوم تُثار أولًا على صفحات الإنترنت قبل أن تصل إلى ساحات المحاكم، حيث يقوم الأفراد بنشر الوقائع أو المقاطع المصوّرة، مما يجعل القضية محل نقاش واسع من قبل الجمهور.

هذا الانتشار السريع للمعلومات قد يساهم أحيانًا في كشف الحقائق وتسليط الضوء على قضايا كانت ستُهمل لولا التفاعل الشعبي، وهو ما يُعد جانبًا إيجابيًا يُساعد على تحقيق الشفافية.

غير أن هذا التأثير قد يتحول في بعض الأحيان إلى عامل ضغط غير مشروع على جهات التحقيق أو القضاء، إذ يتكوّن رأي عام مسبق حول الواقعة قبل أن يُصدر القضاء حكمه بناءً على الأدلة القانونية.

كما أن تداول المعلومات المغلوطة أو غير المؤكدة قد يؤدي إلى تشويه صورة أطراف الدعوى والإضرار بسير العدالة.

إن القانون يكفل حرية التعبير، لكنه في الوقت ذاته يفرض قيودًا على نشر ما يمس الخصوصية أو يؤثر في سلامة التحقيقات.

ومن ثم، فإن الاستخدام المسؤول لوسائل التواصل الاجتماعي عند تناول القضايا يُعد واجبًا وطنيًا وأخلاقيًا قبل أن يكون التزامًا قانونيًا.

وفي ضوء التطور الرقمي السريع، بات من الضروري أن تتخذ التشريعات خطوات واضحة لتنظيم النشر الإلكتروني، بما يحقق التوازن بين حق المجتمع في المعرفة وحق الأفراد في المحاكمة العادلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى