مصر للجميع

بقلم: إبراهيم أبو المعاطي
أمين حزب الجبهة الوطنية قسم قليوب
فى كل مرحلة من مراحل التاريخ المصري، كانت الوحدة الوطنية هي الحصن الذي احتمى به الوطن، والنبض الذي أعاد إليه الحياة في وجه المحن والتحديات.
مصر ليست مجرد أرض أو حدود، بل هي وطن يتسع للجميع، يحتضن أبناءه بمختلف دياناتهم، وانتماءاتهم، وأدوارهم في المجتمع.
إن عبارة “مصر للجميع” ليست شعارًا يُرفع في المناسبات، بل هي رؤية وطنية متكاملة، ومشروع حضاري لا يكتمل إلا بتكاتف الجميع، دون إقصاء أو تمييز.
لقد أثبت المصريون عبر التاريخ أنهم عند الشدائد يتوحدون، وأن المحن لا تفرقهم بل تجمعهم. وحين داهمتنا نكبات الغزو والعدوان، لم يسأل الجندي عن ديانة رفيقه في الخندق، بل قاتل بجواره دفاعًا عن الأرض والعِرض.
هذه الروح الجامعة هي ما نحتاج إلى استعادتها اليوم، ونحن نواجه تحديات العصر، من أزمات اقتصادية ضاغطة إلى تحولات إقليمية ودولية متسارعة.
إن الوحدة الوطنية ليست مجرد كلمات تُقال، بل ممارسة يومية تتجلى في احترام الآخر، وفي تغليب المصلحة العامة على النزعات الفردية أو الفئوية. أخطر ما يهدد الأوطان ليس العدو الخارجي، بل الانقسام الداخلي، حين تتفكك الروابط بين أبناء الوطن الواحد، وتعلو أصوات العصبيات والانتماءات الضيقة على صوت الوطن. ومع ذلك، فإن مصر، بتنوعها الثقافي والديني والاجتماعي، نجحت في تحويل هذا التنوع إلى مصدر قوة وإلهام. لم يكن اختلافنا يومًا سببًا للفرقة، بل كان دافعًا للإبداع والتكامل. واليوم، أكثر من أي وقت مضى، نحن بحاجة إلى أن نعيد بناء هذا التماسك الوطني، وأن نرفع جميعًا شعار “مصر أولاً”، وأن نؤمن بأن الانتماء للوطن يسبق أي انتماء آخر.
إن خدمة الوطن لا تقتصر على تقديم الخدمات المباشرة، بل تشمل بناء الوعي، وتعزيز ثقافة المشاركة، وغرس قيم الانتماء والولاء. فالوطن ليس مجرد جغرافيا، بل هو ذاكرة وهوية ومستقبل، وكل مصري هو شريك في هذا المستقبل، ومسؤول عن صيانته وبنائه. مصر لا تُبنى بفصيل دون آخر، ولا تنهض بفريق دون أخر، بل تنهض حين تتوحد الإرادات، وتلتقي الأيدي على هدف واحد: رفعة هذا الوطن. وختامًا، فإن مصر لا تحتاج منّا إلا الإخلاص، والتضحية، والعمل المشترك.
مصر للجميع، وستبقى للجميع، ما دمنا نؤمن أن قوتها في وحدتها، وأن مستقبلها مرهون بتكاتفنا جميعًا.



