أهم الاخباررأي وتحليل

زيادة الرسوم القضائية.. هل انتهى عصر “العدالة المجانية”؟

بقلم: مراد عبدالسلام – المحامي بالنقض

يعتبر الحق في التقاضي من الحقوق الدستورية الأصيلة التي نص عليها الدستور المصري في المادة (97).

والتي جاء فيها: “التقاضي حق مصون ومكفول للكافة، وتلتزم الدولة بتقريب جهات التقاضي، ويحظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء.”

وهذا النص يؤكد بجلاء أن العدالة يجب أن تكون متاحة للجميع دون تمييز، وألا يُحرم أي مواطن من اللجوء إلى القضاء بسبب عجزه المادي أو ضعف إمكانياته.

إلا أن الواقع العملي يشهد في السنوات الأخيرة زيادة مستمرة في الرسوم القضائية ورسوم الخدمات المرتبطة بالدعاوى، مما جعل كثيراً من المواطنين يعجزون عن رفع قضاياهم أو استكمال إجراءاتها.

فالرسوم لم تعد رمزية كما كانت، بل أصبحت في بعض الحالات تفوق قدرة المواطن البسيط الذي يلجأ إلى القضاء بحثاً عن الإنصاف.

برسالة مؤثرة.. ممدوح مأمون يحسم موقفه من انتخابات النواب 2025

مجلس النواب يقر تأجيل تطبيق قانون الإجراءات الجنائية إلى أكتوبر 2026

هذه الزيادة لا تمس فقط الجانب المالي، بل تمس جوهر العدالة ذاته. لأن العدالة التي لا يقدر الفقير على الوصول إليها، تتحول من “حق” إلى “امتياز”.

والنتيجة أن البعض يضطر للتنازل عن حقوقه أو القبول بتسويات ظالمة تجنباً للأعباء المالية، التي تفوق قدرته في حين يتمكن أصحاب النفوذ والمال من استخدام القانون لصالحهم دون عائق.

إن تطوير منظومة العدالة لا يكون بزيادة الرسوم، وإنما بتبسيط الإجراءات، وتوسيع نطاق الإعفاءات القضائية للفئات غير القادرة، وإنشاء صناديق دعم للتقاضي تُمكّن محدودي الدخل من الدفاع عن حقوقهم دون رهبة من التكاليف.

فالقانون وُضع لتحقيق العدل والمساواة، لا لزيادة المعاناة أو تحويل القضاء إلى خدمة اقتصادية تخضع للعرض والطلب.

ختامًا، فإن مبدأ “العدالة المجانية” أو على الأقل “العدالة الميسرة” يجب أن يعود ليتصدر أولويات الدولة والمشرع، لأن ضمان الحق في التقاضي هو الضمان الحقيقي لكل الحقوق الأخرى، وبدونه تضيع العدالة ويتآكل الإيمان بسيادة القانون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى