قانون الإجراءات الجنائية الجديد: ماله وما عليه

بقلم: مراد عبد السلام المحامي بالنقض
يُعد قانون الإجراءات الجنائية الجديد خطوة تشريعية مهمة تهدف إلى تطوير منظومة العدالة الجنائية في مصر، وتحقيق توازن بين حقوق المتهم وحق المجتمع في العقاب والردع.
ومع تسليط الضوء على التعديلات المقترحة وما تحمله من مزايا وإشكاليات، يصبح من الضروري تقييم القانون بشكل موضوعي يوضح ما له وما عليه.
أولًا: ما له (الإيجابيات)
1. تسريع وتبسيط الإجراءات
القانون الجديد يميل إلى اختصار المدد والإجراءات التقليدية المطوّلة، مثل تقليص مدد التأجيل، وتوحيد بعض الإجراءات، مما يسهم في تحقيق عدالة أسرع ورفع العبء عن المحاكم.
2. تعزيز ضمانات المتهم
توسيع نطاق الحق في الدفاع.
السماح بشكل أوسع بحضور المحامي منذ اللحظات الأولى للتحقيق.
تنظيم أوضح لفترات الحبس الاحتياطي وضوابط التجديد.
هذه الخطوات تُعد نقلة مهمة في احترام الحقوق الدستورية.
3. التوسع في استخدام التكنولوجيا
اعتماد جلسات عن بُعد، وتبادل المستندات إلكترونيًا، وربط النيابة بالمحاكم، وهي إجراءات من شأنها الحد من الأخطاء الورقية وتقليص الوقت.
4. توسيع نطاق التصالح
خصوصًا في الجنح وبعض الجرائم الاقتصادية، مما يقلل عدد القضايا المتداولة أمام المحاكم ويعزز الحلول الودية.
ثانيًا: ما عليه (السلبيات والإشكاليات)
1. التخوف من التوسع في محاكمة المتهمين عن بُعد
رغم أنها خطوة تقنية، إلا أن بعض القانونيين يرون أنها قد تؤثر على هيبة الجلسة وحق المتهم في التواصل المباشر مع المحكمة، خصوصًا في القضايا الخطيرة.
2. ضوابط الحبس الاحتياطي
رغم التنظيم الجيد نسبيًا، إلا أن البعض يرى أن القانون لم يضع حدودًا صارمة أو بدائل كافية تمنع الإفراط في الحبس الاحتياطي في قضايا يمكن التعامل معها بإجراءات أقل قيدًا.
3. التخوف من تقليص مراحل التقاضي
بعض المقترحات تختصر درجات الطعن أو تقلل مساحته، مما قد يحد من رقابة محكمة النقض ويؤثر على ضمانات العدالة.
4. غياب آليات واضحة لمتابعة التنفيذ
القوانين وحدها لا تكفي، فبدون آليات رقابة وتنفيذ فعلي، قد يتحول النص إلى مجرد شكل دون تطبيق فعّال على الأرض.
خلاصة القول
القانون الجديد خطوة جريئة نحو تحديث العدالة الجنائية، يحمل مزايا مهمة مثل تسريع الإجراءات وتعزيز ضمانات الدفاع والاعتماد على التكنولوجيا. لكنه في الوقت ذاته يطرح مخاوف مشروعة بشأن الحقوق والحريات وآليات التنفيذ والتوازن بين سرعة العدالة وجودتها.
وفي النهاية، يبقى نجاح القانون مرهونًا بقدرة الدولة على التطبيق العملي وبتعاون جميع أطراف المنظومة القانونية لضمان عدالة سريعة ولكن غير مُخلّة.



