رأي وتحليل

مدارس بلا أسوار

بقلم: إسماعيل الداد

مخطئ من يظن أن ارتفاع الأسوار وإحكام غلق الأقفال سيمنع تسرب الطلاب من المدارس وسيجعل الفصول مكتظة بطلاب العلم ومحبيه ، فقد تمتلئ الفصول ولكن بمن يكرهون الفصول ، وقد تعج المدارس بمن لا يحبونها .

فكثير من الطلاب يرون المدرسة مكانا لقيد أسمائهم وليس لتحصيل العلم ، بل قد تصبح ساحات المدارس مسرحا لسفاهات بعضهم ومعرضا لما لا يليق من تصرفاتهم ، فهل يسمى ذلك حضورا ؟!

▪︎ إن الحضور الحقيقى للطلاب سيتحقق حين يحبون مدرستهم ويبالغون فى ذلك الحب حتى تصير مدارسهم أحب إليهم من بيوتهم ، وحين تصير مدارسهم هى مصدر علمهم الأول وربما يكون الأوحد ، ولن يتحقق ذلك إلا بأربع مهام مقدسة:

▪︎ المهمة الأولى تقع على عاتق المعلم الذى يجب أن يرتدى معطف الأب الغيور على خلق طلابه الراعى لعقولهم الأمين على افكارهم المنقب عن مواهبهم المشجع لها المعين على تطويرها …

وعلى ذلك المعلم الأب أن يبذل بين جدران الفصول أكثر مما يبذله فى عمله الخاص ، ليس معنى ذلك أننا ننكر على المعلم حرفة الدروس الخصوصية المقننة فلكل فرد الحق فى تحسين دخله ولكننا نهمس فى أذنه ألا يبخل على طلاب مدرسته بعلم أو بنصح ، وأن يبذل الجهد الأكبر حتى يستغنى به الطالب ويكتفى .

▪︎ المهمة الثانية تؤديها الدولة التى يجب أن توفر للمعلم حقلا يعينه على العمل المثمر والإبداع ، بداية من راتب مجز يوفر له حياة كريمة تليق بمهنته المقدسة مرورا بإنقاذه من الروتين القاتل وتفريغه لمهمته داخل الفصول وصولا إلى تشريع القوانين التى تحميه من تجاوزات الآخرين.

▪︎ المهمة الثالثة ملقاة على إدارة المدرسة ، فالمدير هو ربان سفينة أشبه بسفينة نوح ، وحتى تستوى تلك السفينة على جبل النجاة عليه أن يكون أبا للجميع ميسرا لا معسرا لا يهوى الجلوس فى المكاتب ، يتابع المعلمين، يكافئ المحسن ويُقوِّم المسيء ، ويُفعِّل القوانين بحزم مغلف باللين ، ولين متوج بالحزم.

▪︎ أما المهمة الرابعة فهي على الأسرة التى يجب أن تنشئ الأبناء على ثوابت وقيم صالحة فتصدِّر للمجتمع طلابا يعرفون قيمة المعلم ويرون المدرسة كعبة مقدسة وبراحا ومتنفسا لا سجنا وثقلا وقيدا.

▪︎ فإذا كان ذلك فلا حاجة لنا إلى أسوار من حجارة فالطلاب حينئذ سيهربون إلى المدرسة لا منها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى