الدكتورة أماني الليثي.. حين تخسر البطلة مقعدًا وتربح ملايين البشر

بقلم: د. حماد الرمحي
في أعقاب المعارك الكبرى، يُقاسُ النصرُ بقدر ما يتركه في النفوس من أثر، ويُقاسُ «الانتصار» الحقيقي بقدرة صاحبه على كسر السقف لا كسر الخصم.
هكذا خرجت الدكتورة والإعلامية والداعية الإسلامية أماني الليثي من تجربتها الانتخابية الأولى وقد ربحت قلوبًا لا أرقامًا فحسب، بعدما اصطفّ خلف مشروعها أكثر من 64 ألف مواطن وضعوا ثقتهم فيها على قلبٍ رجل واحد، فجاءت أصواتهم شهادةً على معركةٍ شريفة، وبيعةً للأمل والمبادئ، ودعمًا لمرشحةٍ قدّمت خطابًا رصينًا وبرنامجًا حقيقياً لا بيعاً للوهم، ومارست منافسةً نزيهةً دون ضغوطٍ أو إغراءات.
حين يجوع حُرّاس الضمير… من سيُنير طريق الأمة؟
مجلس النواب 2025.. حزب مسيطر وأخرى مدعية وناخبين أصابتهم اللامبالاة
لقد ربحت الدكتورة أماني الليثي سرديةً ملهمة لآلاف الشباب مفادها أن الطريق إلى التغيير يبدأ بالشجاعة، ويستمرّ بالعمل، ويُتوَّج بثقة وحب الجماهير.
معركة بشرف… ونتيجة تشهد لها بالكفاءة
خاضت الدكتورة أماني الليثي تجربتها في بيئةٍ قبليةٍ محافظة في قلب الصعيد «الجواني»، بيئة اعتادت وجوهًا محددةً وأعرافًا موروثة، فذهبت إلى الميدان وحدها تحمل مشروعها وثقتها وأخلاقها، لم تساوم، ولم تُقايض، ولم تقبل أن تُختزل المرأة في دور الزينة الانتخابية، وعندما فُتحت صناديق الاقتراع كانت المفاجأة: أكثر من أربعةٍ وستين ألف صوت في سابقةٍ أولى تُعلن أن الصمت الطويل ليس قدرًا محتوماً على أهل الصعيد، ولكن الصوت إذا وجد من يستحقه ارتفع فوق رؤوس الجميع.

لم تُحسم الأرقام نتيجة المقعد لصالحها بفارقٍ بسيط، لكنها حُسمت لصالحها في سجلّ الشرف: معركةٌ نظيفة، خطابٌ رصين، وأداءٌ يُقاس بالمعايير لا بالشعارات، فنالت مركزًا متقدمًا يليق بما قدمته، وخرجت من السباق ورأسها مرفوع، وقد بدت ملامح مصرٍ جديدةٍ في عيونٍ راهنت عليها.
معنى التفرد: امرأةٌ تكسر القاعدة ولا تكسر المجتمع
إن تتقدّم امرأةٌ ببرنامج واضح في دوائر البداري وساحل سليم ليس أمرًا عابرًا؛ إنّه حدثٌ اجتماعيٌّ يوقظ المياه الراكدة، فهي لم تُعلن حربًا على التقاليد، بل فتحت بابًا لقراءةٍ جديدةٍ لها لتعلن: تقاليد تحمي الكرامة وتقدّم الأكفأ، وتستوعب نصف المجتمع شريكةً لا تابعة، لذا كانت الخصومة معها عند البعض خصومة عاداتٍ خائفة، لا خصومة أفكار، وكانت مودّة الآلاف معها بيعةً للأمل لا مجرد اقتراع.
حزنٌ نبيل… لأنه على أملٍ كان قريبًا
ليس غريبًا أن يخيّم الحزن على بيوت الشباب في الدائرة؛ فقد رأوا في الدكتورة أماني الليثي فرصةً لاختبار المستقبل: أن تُحاكم الوعود بالأرقام، وأن تُدار التنمية بالكفاءة، وأن تتكلم المقاعد لغة الخدمة لا لغة العصبية، إنه الحزن النبيل؛ لأنه حزنُ عشّاقٍ لمشروع، لا حزنُ أنصارٍ لمغانم.
إن هذه العثرة العابرة هي رأس مال المرحلة القادمة؛ فالأصوات التي تجمّعت حولها لم تكن طيفًا عابرًا، بل نَسَجَت شبكةً من الثقة والخبرة والتنظيم، وصاغت سردًا عامًا مفاده: «أُختبرت أماني فثبتت، وامتحنها الطريق فلم تنحنِ».
وستُكتب هذه التجربة في هوامش الدروس الكبرى: أن امرأةً دخلت ميدانًا صعبًا فهزّت قواعده دون أن تهدم البيت، وأنها حين خسرت المقعد ربحت المعنى: كسرت حاجز الخوف، ورفعت سقف الممكن، وفتحت الطريق لغيرها.
سلامٌ على كل معركةٍ شريفة، وسلامٌ على كل قلبٍ ينهض بعد العثرة.
أماني الليثي… قصة نجاح بدأت ولن تنتهي.



