رأي وتحليل

كان قديما في قريتي طنان

بقلم: محمد حسن حمادة

كان قديما في قريتي طنان، بل في كل قرى مصر، عندما يغيب الموت عزيزا، يعم الحزن الجميع قلوبا وبيوتا حتى انتهاء فترة الحداد.

“كانت الناس عارفه إن في حاجة اسمها حرمة للموت، فيراعي الجار جاره، حزنهم واحد وفرحهم واحد، هكذا تربينا على مبادئ وقواعد وأصول أهمها: لما يكون في عزاء عند جاري بنأجل فرحنا”.

دلوقتي إحنا في زمن أغبر فرح وزغاريد وسرادق عزاء في نفس الشارع وفي ليلة واحدة؟ جنازة ماشية وفي أول الشارع دي جي مشهيص الفرح والحلوين بيطبلوا ويغنوا ويرقصوا!. غناء بجانب عزاء!. الموسيقى والزغاريد تعلو صوت القرآن الكريم، إزاي ياعم الحاج قرآن وجنبه طبل وزمر؟. إزاي يامؤمن صوان عزاء وجنبه كوشة؟.

الجار بيرقص ويطبل وجاره بيتألم!. كيف يجتمع الضدان؟. هو معنى إني أفرح إني أكسر قلوب الناس الموجوعة!. وعلشان عندي مناسبة فرح أتجاهل وجع غيري!. هل ده يليق بأهل الريف!. هل ده يليق بطنان أهل الواجب والأصول!. وخلي بالك الدنيا دوارة، النهاردة لكَ، بكرة عليكَ، النهاردة عندي بكرة عندكَ يامعلم ومحدش في مأمن من الوجع والفقد، [مَن سره زمن ساءَته أَزمانُ] أين الجيرة وحق الجار وحسن الجوار الذي وصى به الرسول ﷺ: مازال يوصيني جبريل بالجار ، حتى ظننت أنه سيوَرثه”.

وقال أيضا: مَنْ لاَ يَرْحَمُ لاَ يُرْحَمُ”. ومع ذلك أنا لا أطالب سيادتك بإلغاء الفرح كاملا فأحيانا تضطرنا الظروف لعدم الإلغاء وهذا وارد، افرح بس بأصول، اشتري جاركَ، روح واستأذن جاركَ الحزين واحتفل بدون طبل وزمر وموسيقى وغناء، قديما كان الجار يحترم جاره ويراعي شعوره ويقوم بإلغاء الفرح عندما تحدث حالة وفاة عند جاره كانوا في توادهم وتراحمهم “مثل الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لهُ سائِرُ الْجسدِ بالسهَرِ والْحُمَّى”. كانت هذه أخلاقهم رغم ندرة الشهادات مقارنة بزماننا كانت الفطرة السليمة هي السائدة، الآن أصبحت هذه الأخلاقيات من مخلفات الزمن الماضي، يرحم زمان وأيام زمان”.

جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر عن وجهة نظر الكاتب فقط، ولا تعبّر بالضرورة عن موقف أو توجه المنصة 360.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى