أخر الأخباررأي وتحليل

كليات التربية.. مصير أمة ومعضلة تعيينات

بقلم: محمد فخري جندية

رئيس مجلس إدارة موقع المنصة 360

تلعب كليات التربية دوراً محورياً في تشكيل حاضر ومستقبل الوطن، فهي المعمل الحقيقي لإعداد المعلم القادر على قيادة الأجيال القادمة بالعلم والقيم والانضباط.

فالمعلم ليس مجرد ناقل للمعرفة، بل هو مربٍ وصانع وعي، ومهندس عقول يزرع في طلابه مهارات التفكير والإبداع والانتماء. ومن هنا تأتي أهمية هذه الكليات التي لا تقتصر على تدريس المناهج التربوية، وإنما تمتد لتأهيل الطالب أكاديمياً ونفسياً وتربوياً ليصبح قادراً على القيام بأصعب مهمة في المجتمع، وهي بناء الإنسان.

لقد وضعت الدولة المصرية التعليم في صدارة أولوياتها باعتباره قاطرة التنمية الحقيقية، لكن أي تطوير للتعليم لن يكتمل دون معلم مؤهل ومتحمس لمهنته.

وهذا لن يتحقق إلا إذا كان الخريجون المتخصصون من كليات التربية هم العمود الفقري لسلك التدريس. فمن غير المنطقي أن نبحث عن الجودة والتميز بينما نغفل أبناء التخصص، الذين درسوا نظريات التربية وعلم النفس التربوي وطرق التدريس الحديثة، واجتازوا تدريبات عملية داخل المدارس قبل التخرج. هؤلاء هم الأقدر على التعامل مع التلاميذ في المراحل المختلفة، والأكثر معرفة بطرق قياس التحصيل الدراسي وتعديل السلوك وبناء شخصية الطالب.

لكن الواقع يكشف عن معضلة حقيقية، حيث يعمل في قطاع التعليم كثير من خريجي كليات أخرى بعيدة عن المجال التربوي. ومع كامل الاحترام لهؤلاء، فإن التعيين في قطاع التعليم يجب أن يُبنى أولاً على الكفاءة والتخصص.

 فالتدريس مهنة دقيقة تحتاج إلى إعداد خاص، مثلما يحتاج الطب إلى كلية طب والهندسة إلى كلية هندسة. وعليه، يصبح من الضروري أن تضع الدولة برنامجاً واضحاً وشفافاً لتوظيف خريجي كليات التربية، باعتبارهم الأولى والأحق بالعمل في المدارس الحكومية والخاصة.

إن وضع برنامج توظيف لخريجي كليات التربية سيحقق عدة مكاسب، أبرزها: توفير معلمين أكفاء قادرين على مواكبة التطوير التكنولوجي في التعليم، تقليص نسب البطالة بين الشباب المتخصص، وضمان استقرار المنظومة التعليمية بعيداً عن الحلول المؤقتة. كما أنه سيعيد الاعتبار لمكانة كلية التربية باعتبارها القلب النابض للتعليم.

إن احترام التخصص هو الطريق الصحيح لبناء تعليم قوي ومستدام، وإذا أردنا لمصر أن تنافس في سباق المعرفة العالمي، فعلينا أن نمنح خريجي كليات التربية ما يستحقونه من أولوية في التعيين، وأن ندعمهم ببرامج تدريب مستمرة، حتى يظلوا قادرين على صناعة جيل يليق بمستقبل هذا الوطن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى