هل يكسر القاضي قلمه بعد الحكم بالإعدام أو الطلاق؟

كتبت – مرام أبو عودة
ارتبط في الوعي الشعبي مشهد القاضي الذي يكسر قلمه بعد النطق بالحكم، خاصة في قضايا الإعدام أو الطلاق.
وذلك باعتباره طقسًا تاريخيًا يحمل دلالة رمزية قوية. غير أن هذا المشهد، الذي شاع في الدراما والأعمال الفنية المصرية والعربية، أثار تساؤلات حول أصوله وحقيقته: هل هو جزء من الأعراف القضائية بالفعل، أم مجرد رمز فني؟
يعود أصل هذه العادة إلى التراث القضائي في مصر خلال القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.
فالقضاة كانوا ينظرون إلى حكم الإعدام على أنه الحكم الأشد قسوة، والذي يمس حياة إنسان لا يمكن استعادتها إذا وقع خطأ.
ضربة قوية لمافيا الأعلاف المغشوشة في مصر
ومن هنا، نشأت فكرة أن القاضي يكسر قلمه بعد إصدار حكم الإعدام، في إشارة رمزية إلى أنه كتب به حكمًا لا يريد أن يكتب به أي حكم آخر في حياته، باعتبار أن الدماء تساوي أثقل القرارات وأصعبها.
وبحسب عدد من المؤرخين القانونيين، فإن هذه العادة لم تكن ملزمة قانونيًا ولا منصوصًا عليها في أي تشريع، وإنما مجرد تقليد جرى بين بعض القضاة للتعبير عن جسامة الموقف.
وحملت هذه الحركة معاني التبرؤ من الحكم، وكأن القاضي يعلن أنه غير مسؤول عنه شخصيًا، بل يطبقه بوصفه ممثلًا للقانون فقط.
سقوط شبكة آداب خماسية في الإسكندرية
أما ما تردد عن كسر القلم بعد أحكام الطلاق فهو إلى حد كبير جزء من المبالغات الشعبية، حيث لا يوجد أصل قضائي لهذا السلوك في محاكم الأحوال الشخصية.
الطلاق حكم عادي تصدره المحكمة ضمن آلاف القضايا اليومية، ولا يقارن من حيث الخطورة بحكم الإعدام.
ويؤكد خبراء القانون أن إدخال الطلاق ضمن هذه الطقوس لا يستند إلى أساس تاريخي أو مهني، بل ربما جاء نتيجة إسقاط شعبي لمشهد كسر القلم في قضايا الجنائيات على قضايا الأحوال الشخصية.
هل يكسر القاضي قلمه اليوم؟
اليوم، لا يقوم القضاة في مصر أو أي دولة عربية بكسر الأقلام بعد النطق بالأحكام، هذا التصرف اندثر عمليًا، وبقي مجرد صورة درامية تستخدم لإبراز ثقل اللحظة في الأفلام والمسلسلات.
ومع ذلك، تظل هذه الرمزية حاضرة في الذاكرة الجمعية، باعتبارها تعبيرًا عن أن لحظة إصدار الحكم بالإعدام تختلف عن أي لحظة قضائية أخرى، لما تحمله من رهبة ومسؤولية.
باختصار، كسر القاضي للقلم ليس قاعدة قضائية ملزمة، بل هو تقليد رمزي قديم ارتبط بالأحكام المصيرية، اندثر مع الزمن لكنه ظل حيًا في المخيلة الشعبية ووسائل الإعلام.


